العلاقة بين التصوف وشعراء الملحون (الشعر الشعبي) في الجزائر، "محمد بن مسايب"
لا شك أن التصوف بوجه عام والطرق الصوفية بشكل خاص،كان لها تأثير كبير على الثقافة الشعبية والفنون في الجزائر والمنطقة المغاربية عمومًا،وقد توسّلت المرجعيات الصوفية من الزهاد والعارفين وشيوخ الطرق، منذ وقت مبكر بالفنون والثقافة الشعبية لتقوم بوظيفتها في نشر و تجذير خطابها الديني والروحي والاجتماعي وحتى السياسي أحيانًا في الطبقات السفلى من المجتمع (البسطاء والفقراء) التي شكّلت الخزّان الذي لا ينضب والمحرّك الأقوى لدواليب الحركة الصوفية من خلال تركيز شيوخ الطرق عليها والتصاقهم بها في اليومي المعيش وحتّى في الشعار الذي اختاروه لأنفسهم وتسموا به (الفقراء). وفي هذا الإطار يأتي الشعر الشعبي (الملحون) على رأس الوسائل التي وظفتها الطرق الصوفية في نشر تعاليمها. وإذا لم يكن باستطاعتنا القول إن جميع الشعراء الشعبيين (شعراء الملحون) كانوا صوفية أومنتمين إلى الطرق الصوفية، فإن المؤكد أنهم تعرضوا كلهم بطريقة أو بأخرى لتأثير التصوف والطرق الصوفية في الجزائر والمنطقة المغاربية عموما. وفي هذا السياق، يعتبر الشيخ محمد بن مسايب التلمساني من أكبر الشعراء الذين كتبوا في باب (الجد) أو (المدح) حيث سيكون موضوع هذه الدراسة.